ad

الأحد، 29 يوليو 2012

الثورة الروسية وأزمات الديمقراطيات الليبرالية

إشكالية الوحدة : تعتبر الثورة الروسية وما رافقها من تصدع في الديمقراطيات الليبرالية من أهم الأحداث التاريخية التي عرفتها أوربا فيما بين الحربين. فما هي الأسباب العميقة للثورة الروسية؟ وما هي أهم مراحلها، وما هي مميزات كل مرحلة؟ وما هي مراحل بناء النظام الاشتراكي على يد كل من لينين وستالين؟ وما هي وضعية الديمقراطيات الليبرالية بعد الحرب العالمية الأولى (نموذجا فرنسا+إيطاليا)؟.
1) العوامل التي مهدت لاندلاع الثورة الروسية.
تأزمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية:
-  
في البوادي: كانت الفلاحة عماد الاقتصاد الروسي، عرفت تحولات بإلغاء القيصر الكسندر الثاني (1855-1881) نظام القنانة سنة 1861، وبيع بعض الأراضي للجماعات القروية قصد الانتفاع بها دون أن يكون لها الحق في البيع أو التفويت في إطار نظامالميرMir(المشاعيات)،غيرأن تدهور وضعية البوادي واستمرارانتفاضات الفلاحين جعل الدولة تلغي نظام المير، وسمحت سنة 1906 ببيع الأراضي للنبلاء، وأدى إلغاء نظام المير إلى هجرة عدد هام من الفلاحين الفقراء (الموجيك) إلىالمدن.
في المدن: عرفت الصناعة خلالالقرن19تطورا بفضل تشجيع الدولة(استخلاص الضرائب من الفلاحين،مد السكك الحديدية) وهجرة سكان البوادي إلى المدن، والانفتاح على الاستثمارات والقروض الأجنبية، وبرزت مدن صناعية كبرى كسانبيترسبورغ (بتروغراد)وموسكو وأوديسا، وظهرت طبقة عاملة محدودة العدد(3 مليون سنة1913لكن مطالبها من أجل تحسين وضعيتها الاجتماعية كانت كثيرةحدثت الثورة لوجود نظام حكم فردي استبدادي وظهور أحزابمعارضة و بسبب المشاركة في الحرب:
نظام الحكمخضعت روسيا لحكم قياصرة آل رومانوفRomanov،الذين مارسوا حكما فرديا استبداديا(أوتوقراطيا)، مدعمين من طرف النبلاء ورجال الدين الأرثوذكس والجيش، ونتج عن ذلك حدوث انتفاضات أبرزها انتفاضة 1905 (بعد هزيمة روسيا أمام اليابان) بسبب كثرة الضرائب وارتفاع الأسعار، ورغم فشلها فقد جعلت القيصر نيقولا الثاني يدعو إلى انتخاب مجلس الدوما Douma الذي تم حله بعد ذلك.
-
 الأحزاب المعارضةشهدت روسيا ظهور تنظيمات سياسية ذات توجهات متباينة أبرزها:
• 
الحزب الاشتراكي الثوري:تأسس سنة 1890، يمثل الفلاحين وكان هدفه الإطاحة بالقيصر وتحقيق اشتراكية فلاحية، ويرفض تصنيع البلاد.
• 
الحزب الدستوري الديمقراطي (الكاديت): تأسس سنة1905 يمثلالبرجوازية،تزعمه المؤرخ ميليوكوف Milioukov، وهدفه إقامة نظام برلماني وإقرار الحريات العامة.
 الحزب الاشتراكي الديمقراطيتأسس سنة 1898الذي انقسم بسبب الاختلاف حول سبل تطبيق الاشتراكية في مؤتمر بروكسل سنة 1903 إلى:
-
المناشفة ( Mencheviksالأقلية) تزعمه مارتوف Martov ، وهو حزب اشتراكي يرى إقامة نظام اشتراكي تدريجيا عبر ثورة ديمقراطية بتحالف مع البورجوازية.
-
البلاشفة Bolcheviks (الأغلبية) تزعمه لينين Lénine، وهو حزبثوري يرى إقامة نظام اشتراكي باستيلاء الطبقة العاملة (البروليتاريا)بالقوة على السلطة بتحالف مع الفلاحين والبرجوازية الصغرى، نشر أفكاره من خلال إصدار صحف سرية :إيسكرا(الشرارة)والبرافدا(الحقيقة).
واجه القيصر الأحزاب المعارضة بالقمع (الاعتقال والنفي)، فلجأ بعضها إلى العمل السري.
المشاركة في الحربكان لمشاركة روسيا في الحرب العالميةI  دوركبير في تأزم الأوضاع الداخلية بسبب تعبئة 13 مليون مجند، وتراجع الإنتاج الفلاحي والصناعي، وحصول عجز في المواد الغذائية، وفيسنة 1916 تزايد عدد القتلى والجرحى، وكان الجنود يفرون من جبهات القتال2) مراحل الثورة الروسية
المرحلة الأولىأدت ثورة فبراير 1917 إلى الإطاحة بالنظامالقيصري.
-
 بدأت الثورة في23 فبراير=8 مارس1917 بتظاهر نساءبتروغراد(الاحتفال باليوم العالمي للمرأة ) بسبب ارتفاع الأسعار وقلة المواد الغذائية، ثم تظاهر في يوم24 ازيد من 200 عامل في بتروغراد،ثم حدث إضراب عام، واحتل المتظاهرون الشوارع بمشاركة الجنود،وفي يوم 27: تم تكوين السوفييتات (المجالس الثورية)، وتشكلت حكومة بورجوازية مؤقتة (برئاسة لفوف Lvov ثم كيرنسكيKerenski في7يوليو) من الكاديت والاشتراكيين الثوريين والمناشفة،وفي 2 مارس اضطر القيصر إلى التنازل عن الحكم. وعارض البلاشفة هذه الحكومة (معظم زعمائهم في السجن أوالمنفى)، خاصة وأنها لم تعلن الانسحاب من الحرب العالمية الأولى.المرحلة الثانيةنجح البلاشفة بعد ثورة أكتوبر1917 في إقامة نظام اشتراكي.
استغل البلاشفة فشل الحكومة المؤقتة في تحقيق مطالب الشعب،ورغبتها في الحفاظ على مصالح البورجوازية، والاستمرار في المشاركة في الحرب عI، فسيطروا على السوفييتات المحلية، وأعلنوا انتفاضة مسلحة في 24 أكتوبر 1917 وسيطروا على مقر الحكومة المؤقتة (قصر الشتاء)، وكونوا حكومة بولشفية  برئاسة لينين الذي عاد من المنفى. وتم إصدار مرسوم حول تأميم المعامل والأبناك، ومرسوم حول مصادرة الأراضي الفلاحية، ومرسوم حول القوميات بمنح شعوب روسيا حق تقرير المصير، ومرسوم حول السلام، ولذلك تم توقيع معاهدة بريست ليتوفسك Brest Litovsk مع ألمانيا يوم3 مارس1918للانسحاب من الحرب العالمية الأولى.
-
الحرب الأهلية (الثورة المضادة): واجهت الحكومة الجديدة معارضة الملاكين الكبار والبورجوازية وضباط الجيش،وتحولت المواجهة إلى حرب أهلية(1921-1918)بين أنصارالثورة (الجيش الأحمر)والمعارضين (الجيش الأبيض)مساندين من طرف الدول الرأسمالية،التي احتلت مناطق من روسيا3) التدابير المستعجلة التي اتخذها لينين لإنجاح تجربة حكومة مفوضي الشعب
قرر لينين اتخاذ مجموعة من التدابير أهمها: مراقبة العمال لعملية الإنتاج + ضمان إيصال الحبوب إلى المدن + والسلع الضرورية إلى الأرياف+ وضع أراضي الملاكين العقاريين و أراضي الأسر القيصرية و أراضي الأديرة تحت تصرف لجان الفلاحين + ضمان حقوق الجنود+نقل السلطة إلى سوفييتات نواب العمال والجنود والفلاحين + تأمين الجيش الثوري وتجنيده من أجل مصادرة أموال الطبقات المالكة وفرض الضرائب عليها......4) المشاكل التي واجهتها الثورة الروسية أي حكومة مفوضي الشعب:

 انتفاضة بحارة كرونستاد فبراير- مارس1921: حيث قدموا مطالب سياسية ونقابية وأمنية وعسكرية انظر خطاطة ص  26-أثر الحرب الأهلية: (1918|1921) إقدام البولشفيين على وقف الحرب وتأميم أهم الممتلكات وضعها تحت تصرف الدولة مما اغضب البورجوازية والكولاك وبعض العناصر من الجيش وساهم دلك في اندلاع الحرب الأهلية.
 
 مساندة الحلفاء للجيش الأبيض (المعارض للثورة البلشفية بهدف إجهاض الثورة خصوصا بعد إبرام القيادة الثورية الروسية معاهدة السلم (بريستليتوفسك) التي انسحبت بموجبها روسيا من الحرب العالمية الأولى. (علما ان روسيا كانت تحارب إلى جانب الحلفاء بحيث أن انسحاب روسيا من الحرب يعني ضعف الجبهة الشرقية مما شكل تهديدا للحلفاء تدخلت جيوش الحلفاء الرأسمالية العالمية فرنسا وانجلترا.... في التراب الروسي.
 
 تأثر وضعية المجتمع الروسيبفعل انتشار أعمال السرقة + انتشار المجاعات بفعل ندرة المواد الغذائية + انتشار البطالة، حدوث نقص في المحروقات.

5الإجراءات التي اتخذها كل من لينين و ستالين لإنقاذ الثورة البلشفية وبناء النظام الاشتراكي
 
 نهج لينين سياسة شيوعية الحرب والسياسة الاقتصادية الجديدة:
سياسة شيوعية الحرب: طبق لينين خلال الحرب الأهلية سياسةشيوعية الحرب(1918-1921) بتأميم وسائل الإنتاج ومصادرة فائض الإنتاج الفلاحي من الكولاك (كبار ملاكي الأراضي الفلاحية) لضمان تموين الجيش بالمواد الغذائية. وأقر دستور1918 نظام الحزبالوحيد(الحزب الشيوعي). وتمكن الجيش الأحمر بقيادة تروتسكي من القضاء على الجيش الأبيض، وانسحبت الدول الرأسمالية من الأراضي الروسية، غير أن تطبيق سياسة شيوعية الحرب ساهم في تأزم الأوضاعالاقتصادية والاجتماعية.
-
السياسة الاقتصاديةالجديدة NEP: قام لينين بنهج السياسة الاقتصادية الجديدة ابتداء من1921التي مثلت تراجعا عن تطبيق الاشتراكية بتشجيعالمبادرة الحرة والانفتاح على الرأسمال الأجنبي والتراجع عن مصادرة فائض الإنتاج الفلاحي، وتم تأسيس الاتحاد السوفياتي كاتحاد فيدراليسنة 1922يضم مختلف القوميات. وبفضل هذه السياسة ارتفع حجم الإنتاج الاقتصادي، واستفادت فئة الكولاك والبورجوازية.  نهج ستالين سياسة التخطيط لبناء دولة اشتراكية:
-
 سياسة التخطيط: بوفاة لينين في يناير1924 تسلم الحكم جوزيف ستالين بعد القضاء على معارضيه وخاصة تروسكي (الذي نادى بتصدير الثورة خارج روسيا وتطبيق الاشتراكية) مستخدما الاعتقال والنفيوالاغتيال. انفرد ستالين بالسلطة، وركز نفوذه في أجهزة الحزب الشيوعي والدولة. واستمر في تطبيق السياسة الاقتصادية الجديدة إلىغاية 1928حيث نهج سياسة التخطيط بوضع تصاميم خماسية تهمالميدان الاقتصادي والاجتماعي، وتكوين الكولخوزات Kolkhozesتجميع أراضي الفلاحين في تعاونيات ويتقاضى الفلاح أجره ونسبة من الأرباح والسوفخوزات Sovkhoze أراضي الدولة ويعتبر الفلاح العامل فيها أجيرا) وتأميم الصناعة والتجارة، وإعطاء الأولويةللصناعة الثقيلة، واستغلال مكثف للثروات الطبيعية، وتطوير شبكة المواصلات، والاهتمام بصناعة الأسلحة انطلاقا من التصميم الخماسي الثاني.- نتائج سياسة التخطيط: بفضل سياسة التخطيط ارتفع الإنتاج الفلاحي والصناعي، وتمكن ستالين من القضاء على الكولاك، وبرزت أهمية الطبقة العاملة، وارتفعت نسبة سكان المدن، وتكونت طبقة مستفيدة(الأباراتشيك Apparatchiks من أطرالحزب والدولة والأطر العليا.6مميزات أوضاع الديمقراطيات الليبرالية فيما بين الحربين من خلالنموذجي " إيطاليا وفرنسا.
 
 الأوضاع العامة بإيطاليا عقب الحرب العالمية الأولى:
 شاركت إيطاليا في الحرب وهي تأمل الحصول على أراضي ومكاسب جديدة ومكانة رفيعة بين الدول الكبرى وتحقيق الرفاه الاجتماعي، غيرأن معارضة دول الحلفاء للمطامع الاستعمارية لإيطاليا حال دون ذلك..وهكذا، فتدمر إيطاليا من مؤتمر الصلح ومعاهدة فرساي أدى إلى تحولات داخلية مختلفة. على المستوى السياسي : محدودية سلطة الملك فيكتور إيمانويل الثالث + تعدد الأحزاب و تفكك أحزاب اليمين التقليدية مقابل وجود حزب اشتراكي قوي إلا انه غير قادر على أخذ السلطة =غياب الاستقرار الحكومي+الصراع بين قوى المعارضة في البرلمان =العنف السياسي.على المستوى الإجتماعيتدمر السكان من الحرب + تدهور أوضاعالفلاحين والعمال+ تزايد الحركات العمالية المتشبعة بالفكر الاشتراكي وخوضها عدة إضرابات ومظاهرات واحتلال العمال للمصانع أدى اضطرابات اجتماعية على المستوى الاقتصاديانخفاض المواد الأولية ومصادر الطاقة + انخفاض الإنتاج الفلاحي + ندرة المواد الغذائية+ارتفاع الأسعار+ تفشي البطالة+ ركود المبادلات التجارية في ظل هذهالأزمة ظهر الحزب الحزب الفاشي سنة 1921  بزعامة بيتو موسوليني;يمكن تلخيص أهم توجهات ومبادئ هذا الحزب في: تفضيله الحرب والمواجهة والصراع والتضحية وعدم إيمانه بالسلم + التفرد بالحكمواعتماده على القمع . استفاد الحزب الشيوعي من انخراط المثقفين فيه إلى جانب الأثرياء (اكتسابه لأطر عليا) .تمكن موسوليني من تطوير الفاشية من جماعة معادية للشيوعية والإشتراكية إلى حزب ديكتاتوري قوي وصل إلى سدة الحكم بإيطاليا.  الأوضاع العامة بفرنسا عقب الحرب العالميةالأولى:
اقتصادياسقوط فرنسا في أزمة مالية خانقة دفعها إلى رفع قيمة الضرائب (خاصة على فئة رجال الصناعة + التجار..مما ساهم فيإفلاسهم وتفاقمت معاناة فرنسا من الخسائر المادية والبشرية الناتجة عن الحرب ع1ارتفاع قيمة العملة ادى الى إضعاف الصادرات وغزو السلع الأجنبية السوق الفرنسية نتج عنه عجز الميزان التجاري الفرنسي وتدهور الاقتصاد الفرنسي.
اجتماعياتغيير البنية العمرية للسكان (ارتفاع عدد الشيوخ) والجنسية(ارتفاع عدد النساء) بفعل الحرب ع1 +تضرر المجتمع من الحرب +البطالة + غلاء المعيشة خصوصا خلال أزمة 1920 بفرنسا.+ تخوف المجتمع من المستقبل.سياسياتعدد الأحزاب المتصارعة على الحكم وتحميل الرأي العام مسؤولية الأزمات للمؤسسات والأحزاب+ ظهور جماعات متطرفة (جماعة الصليب النازي+ حركة فرنسا ) + تشكيل كتلة وطنية ( 1919)وعجزها عن حل الأزمة+ تأسيس الحزب الشيوعي الفرنسي + تحالفاليسار واليمين واعتماد خطة بوانكاي من أجل حل الأزمة .

نستنتج مما سبق أن الثورة الروسية كانت ورائها عوامل مختلفة ومرت بمراحل واتخذت سياسات متنوعة لبناء النظام الاشتراكي، كما أنالديمقراطيات اللبيرالية  دخلت في أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية عقب الحرب العالمية الأولى
.

0 commentaires:

إرسال تعليق